من طلع عليه فجر النحر ولم يقف بعرفة فاته الحج، وتحلل بطواف وسعي، وإن أخطأ الناس يوم عرفة أجزأ إن قرب، وإن أخطأ بعضهم فاته الحج والمحصر بعدو أو مرض ونحوه ينحر هديا ويحل، فإن لم يجد صام عشرة أيام ثم حل، ومن صد عن عرفة فقط تحلل بعمرة ولا شيء عليه، ومن اشترط أن محله حيث أحصر تحلل بلا شيء، والله أعلم.
بعد ذلك باب الفوات، الفوات: فوات الوقوف، يقول: من طلع عليه فجر يوم النحر وهو لم يقف بعرفة فاته الحج وتحلل بعمرة، فيطوف ويسعى ويجعلها عمرة، ذكر أن جماعة من الحجاج أخطئوا في الحساب وظنوا أن الشهر دخل مثلا بالسبت وهو داخل بالجمعة، وظنوا أن الوقوف في يوم الأحد، وصار الوقوف في يوم السبت، فجاءوا يوم العيد وإذا عمر بن الخطاب ينحر هديه فقالوا: يا أمير المؤمنين أخطأنا في الحساب، فأمرهم بأن يتحللوا بعمرة.. يطوفوا ويسعوا، وقال: فاتكم الحج.
فمن فاته الوقوف.. طلع عليه فجر يوم النحر وهو لم يأت إلى عرفة فاته الحج، وتحلل بالطواف والسعي، أما لو أخطأ الناس كلهم يوم عرفة لو أخطئوا ووقفوا في اليوم الثامن يظنونه اليوم التاسع، أو وقفوا في اليوم العاشر يظنونه اليوم التاسع فإنه يجزئ.
ولكن إذا عرفوا في أثناء اليوم جاءهم من أخبرهم بأن هذا هو اليوم الثامن فإنهم يرجعون إلى منى ويكملون يومهم في منى ويتوجهون إلى عرفة في صبح اليوم التاسع، وأما إذا ما أتاهم الخبر إلا في اليوم العاشر بعدما وقفوا فإنهم معذورون إذا كملوا وقوفهم في اليوم العاشر.
أما إذا أخطأ بعضهم فإنهم يفوتهم الحج، الناس ظنوا أن هذا اليوم هو يوم عرفة ووقفوا في اليوم الثامن، نقول: لا يجزئكم، وكذلك لو تأخروا وجاءوا في اليوم العاشر نقول: لا يجزئكم فاتكم الحج.
المحصر:هو الذي يمنع من الوصول إلى مكة، يمنع من إتمام نسكه؛ إما بعدو أو مرض أو حادث أو نحو ذلك؛ قال الله تعالى:
فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ فَمَا اسْتَيْسَرَ مِنَ الْهَدْيِ </A>
لما كان في عمرة الحديبية أًحصر المسلمون.. جاءوا محرمين ومعتمرين، ولما وصلوا إلى الحديبية صدهم المشركون، وقالوا: لا يمكن أن يتحدث العرب أنا أخذنا غفلة فارجع واعتمر من العام القابل، وتم الصلح الذي هو "صلح الحديبية" فأمرهم النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يحلقوا وأن يتحللوا وأن يذبحوا فذبحوا.
مَن أحرم بحج أو بعمرة ومُنع من أن يدخل مكة كالذين ليس معهم تصريح أو الذين ليس معهم إقامة من الخارجين أو ليس معهم إذن بالحج ومنعوا من إكمال حجهم وردوا فإنهم يذبحون، يذبحون ما تيسر من الهدي، وأقله شاة، وإذا ذبحوها تحللوا، وإذا لم يجدوا فلا يتحللون إلا بعد أن يصوموا عشرة أيام؛ لأن الله جعل العشرة بدل الهدي، وإن كان معه هدي نحره بمحله.
النبي -صلى الله عليه وسلم- كان معه هدي في الحديبية فنُحرت في ذلك المكان، قال الله تعالى
هم الذين كفروا وصدوكم عن المسجد الحرام والهدي معكوفا أن يبلغ محله) فأمرهم فنحروا هديه في ذلك المكان وتحللوا.
أما الذي يُصد بمرض فإن كان يرجى زواله بقي على إحرامه مثل الحوادث.. حوادث السيارات الانقلاب ونحوه، إذا حدث له حادث وهو محرم وأدخل المستشفى بقي على إحرامه، فإن قصوا من شعره فعليه فدية، وإن خلعوا ثيابه وألبسوه مخيطًا فعليه أيضًا فدية، أما إذا بقي في مكانه كالأعرج -مثلًا- إذا سقط من بعيره أو راحلته وانكسرت ساقه أو فخذه وبقي فإنه ينحر عنه بمكة أو ينحر عنه في مكانه ما استيسر من الهدي شاة أو نحوها ثم يتحلل، فإن لم يجد بقي على إحرامه حتى يصوم عشرة أيام ثم حل.
أما إذا صد عن عرفة فقط فإنه يتحلل بعمرة ولا شيء عليه يذهب إلى البيت ويطوف ويسعى ويتحلل بعمرة، وهذا كله إذا لم يشترط، أما إذا اشترط وقال: إن حبسني حابس فمحلي حيث حبستني فإنه يتحلل ولا شيء عليه حيث أحصر يتحلل ولا شيء عليه.
هذا آخر الحج وفي العام القادم إن شاء الله إذا أحيانا الله نبدأ من البيع ونقف على النكاح إذا يسر الله، والله أعلم.
س: أحسن الله إليكم وجزاكم خير الجزاء، سماحة الشيخ، سائل يقول: هل يجوز التبرك بالحجر الأسود؟
ج: لا يمسح بشيء من أجزاء البيت للتبرك وإنما للاقتداء بالسنة، لا الحجر الأسود ولا اليماني ولا الكعبة ولا أبوابها ولا أماكن منها ولا الصفا ولا المروة ولا جبل الرحمة ولا غار حراء ولا غير ذلك إنما يمسح منها ما يمسح على أنه سنة.
س: أحسن الله إليكم، وسائل يقول: ما حكم الجمع بين عمرتين في سفر واحد؟
ج: نرى أن العمرة خاصة ممن يسافر لها من بلاده، لكن إذا كان جاء من بعيد وأراد أن يعتمر عن أبيه أو عن أحد أقاربه إذا كان من غير داخل المملكة يمكن أن يرخص له، وأما الذين من المملكة فالأصل أنهم لا يعتمرون إلا من بلادهم.
س: أحسن الله إليكم، سماحة الشيخ، هل يكبِّر إذا استلم الركن اليماني أو حاذاه؟
ج: الصحيح أنه ما يكبر، وإن كان هناك من أجاز له أن يكبر، لكن المشروع أن التكبير يكون عند الحجر.
س: أحسن الله إليكم، سماحة الشيخ، إذا أخر الإنسان طواف الإفاضة إلى طواف الوداع وكان عليه سعي الحج فماذا يفعل؟
ج: يجوز أن يسعى بعده ولا يقول: إن آخر عهدي بالبيت، لم يكن آخر عهده بالبيت، وإنما صار آخر عهده بالطواف، الصحيح أنه يجزؤه يطوف طواف الوداع أو طواف الحج ثم بعد ذلك يسعى ويخرج.
س: أحسن الله إليكم، وهذا سائل يقول: سماحة الشيخ، الحج المبرور هل يكون بتحقيق الأركان والواجبات فقط، أم أنه يزيد بالسنن؟
ج: الصحيح أنه إذا كملت الأركان والواجبات صار حجًّا كاملا، وأما السنن فإنها مكملات وبتمام السنن كلها يكون حجا مبرورا يرجى قبوله ومضاعفته.
س: أحسن الله إليكم، سماحة الشيخ، عرف عن بعض العلماء أنهم جعلوا لهم كتابًا في الفقه أو أحاديث الأحكام يكررون النظر فيه ويكثرون قراءته لوجود كثير من المسائل فيه، فما هي نصيحتكم لنا حيال ذلك؟
ج: كتب الحج قد كثرت الكتابة فيها، ويرى بعضهم أنه لا يستغنى عنها كلها، ولكن الصحيح أن بعضها يغني عن بعض، فيكتفى بالكتب التي تكون كاملة، والله أعلم وصلى الله على محمد.
نسأل الله -عز وجل- أن يجزي شيخنا خير الجزاء، وأن يجعل له بكل حرف قاله أضعافًا مضاعفة في ميزان حسناته وصلى الله على محمد